دورة “حتى تفهم الحياة ولا تنكسر”: نجاح باهر في غرس الأمل وتعزيز المرونة النفسية

طنجة، المملكة المغربية

في خطوة لتعزيز الوعي النفسي والاجتماعي، استضاف المركب الاجتماعي التابع لجمعية العون والإغاثة يوم 19 يونيو 2025، دورة تكوينية استثنائية بعنوان “حتى تفهم الحياة ولا تنكسر“. هذه الدورة، التي قدمها الدكتور محمد محمود السيد تحت شعار “الحياة خُلقت لك.. أنت من يُعمرها”، شهدت حضورًا واسعًا وتفاعلًا كبيرًا من ممثلي الجمعيات المحلية والمهتمين، وتهدف إلى تسليط الضوء على أهمية الصمود والمرونة النفسية في مواجهة تحديات الحياة.

انطلاقة متميزة نحو فهم أعمق للحياة

بدأت فعاليات الدورة في تمام الساعة 3:20 مساءً، بعد توافد المشاركين في أجواء تنظيمية ممتازة. افتتح السيد نور الدين بنصبيح الدورة بكلمة ترحيبية عبر فيها عن سعادته باستضافة الدكتور محمد محمود السيد، موجهاً شكره العميق للحضور. وقد أضفت تلاوة عطرة من آيات الذكر الحكيم بصوت الأخ جلال لعميري بعداً روحانياً للمناسبة، تبعتها كلمة ترحيبية من الأخت حميدة بوليفة، مسؤولة قطب الشؤون الإدارية والمالية والمشرفة على الدورة.

الدكتور محمد محمود السيد، في مستهل حديثه، أثنى على حرص المشاركين على التعلم وشجع على التفاعل المتبادل، مؤكداً أن التغيير الحقيقي يبدأ من بناء الفكرة والمسؤولية الذاتية. وأشار إلى أن السيرة النبوية تعد مصدرًا لا يضاهى في تبسيط المعاني العميقة للتنمية البشرية والنمو الذاتي.

ركزت الدورة على خمسة محاور رئيسية مستلهمة من سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، لتزويد المشاركين باستراتيجيات عملية لفهم الحياة وتعزيز المرونة:

1. “وهاجر المولود”: قوة النشأة والتحديات

سلط الدكتور السيد الضوء على جذور نشأة الإنسان والتحديات التي يواجهها، مستشهداً بسيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم كمثال للقوة والعزيمة. الرسالة الجوهرية هنا هي أن الحياة لا ترحم الضعفاء، لكنها تصنع من المحن رجالًا عظماء. هذا المحور أكد على أن تجاوز الصعوبات يصقل الشخصية ويعزز القدرة على التحمل.

2. “قطاف العنب”: الأمل بعد الانكسار

تناول هذا المحور أقسى محطات السيرة النبوية، مثل عام الحزن ورحلة الطائف، وكيف تحولت لحظات اليأس إلى بشارات إلهية. قصة “عداس” وعنقود العنب كانت رمزًا لالعطاء الإلهي الذي يأتي بعد أقسى لحظات الانكسار. هذه الفقرة رسخت مبدأ أن الصلة بالله هي الحبل الوحيد الذي ينجي من قسوة الحياة وخذلانها، مؤكدة على أهمية الإيمان والصبر في أوقات الشدة.

3. “ذاك المعروف”: التسامح واستمرارية الأثر

شدد الدكتور على أهمية التسامح مع أخطاء الآخرين وعدم التوقف عند الزلات، مستلهماً من قصة الصحابي حاطب بن أبي بلتعة. هذا المحور دعا إلى التحلي بالحكمة وتجاوز الهفوات لضمان استمرارية المسار الدعوي والإنساني، مما يعزز العلاقات الإيجابية والتأثير المجتمعي.

4. “اصنع شهودك”: مسؤولية الأثر في الحياة

ركز هذا المحور على الرسالة الفردية ومسؤولية الأثر الذي يتركه الإنسان في الآخرين. من خلال قصة زيد بن حارثة، أوضح الدكتور أن العلم والإخلاص يمكن أن يصنعا أثراً خالداً، مؤكداً أن سلوكنا وأثرنا في الآخرين هما شهادة لنا في الدنيا والآخرة. هذا يدفعنا للتفكير في الصدقات الجارية وبذل الخير.

5. “موت نبي… وحياة أمة”: بناء الحياة بعد التحديات الكبرى

أبرز الدكتور أن وفاة النبي صلى الله عليه وسلم لم تكن نهاية الرسالة، بل بداية امتحان ومرحلة “أمة بدون نبي”. هذه الفقرة أكدت على أن الحياة لا تتوقف عند الأفراد، بل تُبنى بالمواقف والرؤى، وأن عظمة الإنسان تظهر حين يتحول من الحديث عن الناس إلى الحديث عن الأفكار التي تغير واقع الناس. هذا يعلمنا أن فرص الاصطفاء تظهر حتى بعد أعظم التحديات.

اختتمت الدورة في جو من التأثر والتفاعل، حيث عبر المشاركون عن إعجابهم بعمق الطرح، وقدرة الدكتور محمد محمود السيد على دمج السيرة النبوية في معالجة التحديات النفسية والوجودية المعاصرة. لقد أسهمت هذه الدورة بفاعلية في تزويد الحضور بأدوات قوية لفهم الحياة، التعامل مع الانكسارات، والنهوض من جديد بروح ملؤها الأمل والعزيمة.

تتوجه جمعية العون والإغاثة بخالص الشكر والتقدير للدكتور محمد محمود السيد على عطائه الثري، ولكافة الجمعيات والمتطوعين الذين ساهموا في إنجاح هذه الدورة المباركة، مؤكدين التزامهم بتقديم المزيد من البرامج التي تدعم المرونة النفسية والتنمية الذاتية لأفراد المجتمع.